علي مسعادكاتب مغربي
- ما ما ، ما ما ، الأستاذ في المدرسة لبارح، كال لينا الكذوب راه حرام ، ولي كذب يدخل جهنم واش بصح " تساءلت الطفلة ببراءة .
-" إيه ، أبنتي ، الكذوب ، راه حرام و الكذاب مصيرو النار في جهنم " أجابت الأم ، بكل ثقة في النفس .
لكن الطفلة ، استدركت ببراءة الطفولة : " ولكن ، علاش بابا كال ليا أنا مكاينش ، مين سول عليه صاحبو مع الصباح " .
أجابت الأم ، بنفس النبرة و الثقة الزائدة في الذات : " هاديك راها كذبة بيضاء أبنتي ، باك مابغي يشوف حد هاد الصباح ، هداك غير شي واحد جابتو غير مصلحتو أو صافي " .
" كيفاش ، أماما ، الأستاذ كاع ما كالينا ،لبار ح ، راه كاينية كذبة بيضاء و أخرى ما شي بيضاء ...كا لينا ما تكذبوش و صافي " مستغربة ، منطق أمها ، الذي يتعارض و أقوال أستاذها .
" صافي ، باراكا عليا من الهضرة ، سيري راجعي دروسك ، ياللاه باش تنجحي هاد العام " قاطعتها الأم بصرامة ، مغيرة لهجتها ، لتنهي حوارا ، قد يبدئ لا لينتهي .
لكن ، الطفلة بذكاء الطفولة ، عرفت أن هناك خيوطا واهية ، بين ما تتلقاه في المدرسة و ما بين ما يحدث في ،متسائلة بينها و بين قرارة نفسها : هل كل الأطفال مثلي ، يواجهون الأسئلة ذاتها و يعيشون الانفصام ذاته و القطيعة عينها ، بين المدرسة و الشارع و البيت و التلفزة و المسجد ؟ا
السؤال ، قد يكبر عند الطفلة كما قد يزداد حجمه ، أمام العديد من الشابات و الشباب ، الذين يجدون أنفسهم ، على حين غفلة ، أمام أسئلة كبيرة تستعصي على مداركهم ، من قبيل :
- هل حقا ، نحن مجتمع منسجم ، مع نفسه و قناعاته أم أن هذه الازدواجية ، هي سبب مأساتنا و تخلفنا عن الركب الحضاري و سبب أمراضنا النفسية ؟ا
السياسيون يكذبون في الانتخابات و ويوزعون وعودا و أحلاما ، تنتهي صلاحيتها مع انتهاء حملاتهم الانتخابية ، الشركات الدعائية ، تكذب من خلال إعلاناتها صباح مساء ، الإعلام يوزع الأحلام من خلال مسلسلات و أفلام لا علاقة لها بالواقع ، و برامج في
المسابقات تكذب على المشاهدين وتوزع عليهم السيارات الفارهة و الإقامات السكنية الراقية و ما لا تحصى من الجوائز ، من خلال الإجابة عن أسئلة بليدة ، ل"حديدان" و " غلطة حياتي " و غيرها من الشخصيات التي إبتليت بها ، الشبكة البرامجية للقنوات الوطنية ، التي بدورها ، لا علاقة لها بالمجتمع المغربي الذي يعاني شبابه الأمرين ، من شبح البطالة و العزوف على الزواج ، و من العديد من المشاكل اليومية ، التي لا تنتهي من العنف و التحرش الجنسي و من الإزدحام في الحافلات العمومية الرديئة .
حتى أصبح فن الكذب ، العملة الرائجة حيثما رحلت و إرتحلت ، فيما الصدق و الطيبوبة زائدة عن الحد هي الغباء بعينه ، و الكذب و النصب و الإحتيال و السرقة ، هي قمة الذكاء الاجتماعي ، في زمن انقلبت فيه الموازين و لم يعد الحياء معيارا للحشمة و الوقار و الشهامة رمزا للرجولة و غيرها من المفاهيم ، التي ضاعت في زمن " حديدان " .
" حديدان " الشخصية التلفزيونية الأكثر متابعة ، في زمن الحربائية و الأقنعة المتعددة للوجه الواحد ، بحيث أن سر نجاح هذه الشخصية ، وإعادة برمجتها ، غير ما مرة ، لدليل كاف ، على أن هناك شيء ما ليس على ما يرام ، حتى تصبح شخصية ، كل رأس مالها ، " المكر و الدهاء و الخبث و الخديعة و التنصل من المسؤولية " ، من الشخصيات الأكثر متابعة ، من طرف المشاهدين ، إذا لم تكن ، هذه الشخصية ، تعبر عن المرحلة التي نعيشها ،و التي تقتات من معين الكذب و بامتياز .
بحيث ، أصبح الكذب في زمن " حديدان " صناعة ، لا يتقنها ، إلا كل فك شفرة هذا الزمن الأصفر ، على حد تعبير الروائي المغربي محمد صوف ، حيث تتعايش الرشوة والمحسوبية و الوساطة و السرقة و النصب و الاحتيال و الخيانة ، جنبا إلى جنب ، في حين أن الأخلاق الحميدة ، أصبحت أكثر التصاقا بالسذاجة و انعدام الخبرة و أهلها من أصحاب الكهف ، الذين لم يستوعبوا، بعد ، درس الحياة جيدا .
مشكلتنا ، في هذا الزمن الأغبر ، حيث اختلط الحابل بالنابل و أصبحت " الفلوس " هي معيار ، نجاح أو فشل الأفراد ، أننا فقدنا الثقة في كل شيء ، حتى في أنفسنا .
و لعل الطامة الكبرى ، التي أصبح يعيشها ، جيل اليوم ، جيل " الفايس بوك " و " اليوتوب " ، هي القطيعة و الازدواجية في الفكر و السلوك ، بين المفكر فيه و بين الواقع
، في حين أن الأمم المتقدمة و المتحضرة ، لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه ، لو لم تكن صادقة مع نفسها ، منسجمة مع قناعاتها و أفكارها ، بين ما تفكر به و تعيشه كحقيقة و ما تشعر به و تعبر عنه كإحساس ، دون تزويق أو تنميق .
في حين أن المجتمعات العربية ، مازلت غارقة ، في بحر من الانفصام و الازدواجية في كل شيء ، بين القول و السلوك ، بين الإحساس و التعبير عنه ، بين الفكر و الواقع ، هناك بحر من الظلمات بين ، الشخص و نفسه ، لدرجة أنك تصدم في بعض الأحيان ، ببعض الممارسات و التصرفات ، من أناس يفاجئونك ، بردود فعل متناقضة و شخصياتهم ، ما يعني أن هناك خلل ما في التربية و التنشئة الاجتماعية ، وأن هناك خطأ ما في مكان ما يجب تقويمه ، قبل فوات الأوان .
الحل هو التغيير من الداخل و ليس بالأقوال و الشعارات .
-" إيه ، أبنتي ، الكذوب ، راه حرام و الكذاب مصيرو النار في جهنم " أجابت الأم ، بكل ثقة في النفس .
لكن الطفلة ، استدركت ببراءة الطفولة : " ولكن ، علاش بابا كال ليا أنا مكاينش ، مين سول عليه صاحبو مع الصباح " .
أجابت الأم ، بنفس النبرة و الثقة الزائدة في الذات : " هاديك راها كذبة بيضاء أبنتي ، باك مابغي يشوف حد هاد الصباح ، هداك غير شي واحد جابتو غير مصلحتو أو صافي " .
" كيفاش ، أماما ، الأستاذ كاع ما كالينا ،لبار ح ، راه كاينية كذبة بيضاء و أخرى ما شي بيضاء ...كا لينا ما تكذبوش و صافي " مستغربة ، منطق أمها ، الذي يتعارض و أقوال أستاذها .
" صافي ، باراكا عليا من الهضرة ، سيري راجعي دروسك ، ياللاه باش تنجحي هاد العام " قاطعتها الأم بصرامة ، مغيرة لهجتها ، لتنهي حوارا ، قد يبدئ لا لينتهي .
لكن ، الطفلة بذكاء الطفولة ، عرفت أن هناك خيوطا واهية ، بين ما تتلقاه في المدرسة و ما بين ما يحدث في ،متسائلة بينها و بين قرارة نفسها : هل كل الأطفال مثلي ، يواجهون الأسئلة ذاتها و يعيشون الانفصام ذاته و القطيعة عينها ، بين المدرسة و الشارع و البيت و التلفزة و المسجد ؟ا
السؤال ، قد يكبر عند الطفلة كما قد يزداد حجمه ، أمام العديد من الشابات و الشباب ، الذين يجدون أنفسهم ، على حين غفلة ، أمام أسئلة كبيرة تستعصي على مداركهم ، من قبيل :
- هل حقا ، نحن مجتمع منسجم ، مع نفسه و قناعاته أم أن هذه الازدواجية ، هي سبب مأساتنا و تخلفنا عن الركب الحضاري و سبب أمراضنا النفسية ؟ا
السياسيون يكذبون في الانتخابات و ويوزعون وعودا و أحلاما ، تنتهي صلاحيتها مع انتهاء حملاتهم الانتخابية ، الشركات الدعائية ، تكذب من خلال إعلاناتها صباح مساء ، الإعلام يوزع الأحلام من خلال مسلسلات و أفلام لا علاقة لها بالواقع ، و برامج في
المسابقات تكذب على المشاهدين وتوزع عليهم السيارات الفارهة و الإقامات السكنية الراقية و ما لا تحصى من الجوائز ، من خلال الإجابة عن أسئلة بليدة ، ل"حديدان" و " غلطة حياتي " و غيرها من الشخصيات التي إبتليت بها ، الشبكة البرامجية للقنوات الوطنية ، التي بدورها ، لا علاقة لها بالمجتمع المغربي الذي يعاني شبابه الأمرين ، من شبح البطالة و العزوف على الزواج ، و من العديد من المشاكل اليومية ، التي لا تنتهي من العنف و التحرش الجنسي و من الإزدحام في الحافلات العمومية الرديئة .
حتى أصبح فن الكذب ، العملة الرائجة حيثما رحلت و إرتحلت ، فيما الصدق و الطيبوبة زائدة عن الحد هي الغباء بعينه ، و الكذب و النصب و الإحتيال و السرقة ، هي قمة الذكاء الاجتماعي ، في زمن انقلبت فيه الموازين و لم يعد الحياء معيارا للحشمة و الوقار و الشهامة رمزا للرجولة و غيرها من المفاهيم ، التي ضاعت في زمن " حديدان " .
" حديدان " الشخصية التلفزيونية الأكثر متابعة ، في زمن الحربائية و الأقنعة المتعددة للوجه الواحد ، بحيث أن سر نجاح هذه الشخصية ، وإعادة برمجتها ، غير ما مرة ، لدليل كاف ، على أن هناك شيء ما ليس على ما يرام ، حتى تصبح شخصية ، كل رأس مالها ، " المكر و الدهاء و الخبث و الخديعة و التنصل من المسؤولية " ، من الشخصيات الأكثر متابعة ، من طرف المشاهدين ، إذا لم تكن ، هذه الشخصية ، تعبر عن المرحلة التي نعيشها ،و التي تقتات من معين الكذب و بامتياز .
بحيث ، أصبح الكذب في زمن " حديدان " صناعة ، لا يتقنها ، إلا كل فك شفرة هذا الزمن الأصفر ، على حد تعبير الروائي المغربي محمد صوف ، حيث تتعايش الرشوة والمحسوبية و الوساطة و السرقة و النصب و الاحتيال و الخيانة ، جنبا إلى جنب ، في حين أن الأخلاق الحميدة ، أصبحت أكثر التصاقا بالسذاجة و انعدام الخبرة و أهلها من أصحاب الكهف ، الذين لم يستوعبوا، بعد ، درس الحياة جيدا .
مشكلتنا ، في هذا الزمن الأغبر ، حيث اختلط الحابل بالنابل و أصبحت " الفلوس " هي معيار ، نجاح أو فشل الأفراد ، أننا فقدنا الثقة في كل شيء ، حتى في أنفسنا .
و لعل الطامة الكبرى ، التي أصبح يعيشها ، جيل اليوم ، جيل " الفايس بوك " و " اليوتوب " ، هي القطيعة و الازدواجية في الفكر و السلوك ، بين المفكر فيه و بين الواقع
، في حين أن الأمم المتقدمة و المتحضرة ، لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه ، لو لم تكن صادقة مع نفسها ، منسجمة مع قناعاتها و أفكارها ، بين ما تفكر به و تعيشه كحقيقة و ما تشعر به و تعبر عنه كإحساس ، دون تزويق أو تنميق .
في حين أن المجتمعات العربية ، مازلت غارقة ، في بحر من الانفصام و الازدواجية في كل شيء ، بين القول و السلوك ، بين الإحساس و التعبير عنه ، بين الفكر و الواقع ، هناك بحر من الظلمات بين ، الشخص و نفسه ، لدرجة أنك تصدم في بعض الأحيان ، ببعض الممارسات و التصرفات ، من أناس يفاجئونك ، بردود فعل متناقضة و شخصياتهم ، ما يعني أن هناك خلل ما في التربية و التنشئة الاجتماعية ، وأن هناك خطأ ما في مكان ما يجب تقويمه ، قبل فوات الأوان .
الحل هو التغيير من الداخل و ليس بالأقوال و الشعارات .
0 comentلrios:
إرسال تعليق