Home Top Ad

Responsive Ads Here

أصحابَ السماحةِ والفضيلة، الصديق عادل الحسن، أيها الحفلُ الكريم، يجمعنا اليومَ احتفالٌ مميّزٌ من احتفالاتِ عيدِ الفطرِ المجيد، بعد...

كلمة صاحب السيادة المطران أنطوان-شربل طربيه راعي أبرشية اوستراليا المارونية في حفل عشاء بدعوة من السيد عادل الحسن

أصحابَ السماحةِ والفضيلة،
الصديق عادل الحسن،
أيها الحفلُ الكريم،

يجمعنا اليومَ احتفالٌ مميّزٌ من احتفالاتِ عيدِ الفطرِ المجيد، بعد نهايةِ شهرِ رمضانَ المبارَك، في عشاءٍ نموذجيٍّ يستقي روحيَّتَهُ من رسالة لبنانِنَا الحبيب، ليُرويَ عطشَ أرضِ أوستراليا إلى المزيد من التلاقي والتناغمِ بين المسيحييّنَ والمسلمين.

ويجمعنا اليومَ الصديقُ عادل الحسن الّذي يحملُ في شخصيَّتِه المخضرمةِ لبنانيّةً صافيةً وقيمَ أوسترالية الأساسيّةَ، تجعلُ من اللقاءِ اليومَ  نموذجًا عساهُ يتكرَّرُ ويتوسَّعُ ويتفعَّل. 

إنّ حقيقةَ الأديان، تتجلّى في واحاتٍ للتلاقي والتناغمِ الإنسانيِّ والإجتماعيِّ بحسب ما أَمرَ به الله عزَّ وجلّ؛ ولم توجد لتكونَ أدواتٍ للتصادُمِ والعنفِ ورفضِ الآخر. الإسلام كما يفقَهُهُ ويفسِّرُهُ العلماءُ المسلمونَ المعتدلونَ، هو دينُ الرحمةِ والعدلِ والسلامِ للناس أجمعين؛ والمسيحيّةُ هي دينُ المحبّةِ والمسامحةِ والتلاقي والسلامِ بينَ الناسِ أجمَعين. ونحنُ هنا في أوستراليا، نفتَخرُ بعيشِنا وصداقتِنا وتعاونِنا بينَ بعضِنا البعضِ كمسيحيّينَ ومسلمين، ونتمسَّكُ بهذا التعايشِ ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً.

عدتُ بالأمسِ من زيارةٍ إلى لبنان دامت أكثرَ من شهر. وشَعَرتُ أنَّ الإنسانَ العربيَّ، مسيحيًّا كان أم مسلمًا، يعيش نوعًا من الإحباطِ وخيبةِ الأمل. فالآمالُ الّتي رافقتِ الربيعَ العربيَّ، والثورةَ البيضاء الّتي قامت ضد الظلم والطغيان  وتؤسِّسَ للحريّةِ وحقوقِ الإنسان، اختَطّفها رجالٌ ملثَّمونَ بالسّواد، لا هويّةَ لهم، ولا إنسانيةَ فيهم. "وطلبوا من هذا الربيعِ العربيِّ الركوعَ أمامَ العالم كلِّه، وأمامَ كلِّ العالمِ ذَبَحوه" (البروفسور فيليب سالم). 

في عَملِنا الأُسقفيَّ، أيّها الأصدقاء، نحمِلُ شعارَ الأمانة والإنفتاح، ومنه ننطلقُ للحوارَ والتلاقي والوفاقِ من أجل الإنسان في أوستراليا ولبنان. وهذه، هي، برأينا، الطريقُ الصحيحُ لكي نَبنيَ التاريخ. وما يجري اليومَ في لبنان وسوريا وفلسطين والعراقَ لا يَبنيَ التاريخ، بل يدمِّرُ الحضاراتِ ويبدِّدُ الآمالَ ويحطِّمُ الإنسانَ مسجِّلاً نقاطًا سوداء في صفحاتٍ بيضاءَ عُمرُها أكثرُ من ستّةِ آلافِ سنة. بناةُ التاريخِ إنّما هم الّذين يؤمنون بالحقِّ والعدلِ والسلام وقَبولِ الآخرِ المختلِفِ كجزءٍ من الذات، وهذا ما نتعلَّمُه من المسيحيِّة والإسلام. 
بناةُ التاريخِ هم الّذين يَفتحونَ قلوبّهم وعقولّهم للحقِّ ولكلمة الحقّ،  ويستقبلونَها في حياتهم وبيوتهم لتنيرَ طريقَ المستقبَلِ لهم. ورسالتُنا اليومَ ليس فقط أن نُصغيَ إلى كلمةِ الحقّ وحسب،  بل أن نخدُمَ الحقَّ ونلترمَ به، ونُكمِلَ مسيرَةَ أنسَنَةِ الإنسانِ، بثباتٍ وعنادٍ ورجاءٍ، معتَصِمينَ بهدي الله وإلهاماتِه.

أمّا الأمرُ الثاني الذي يتطلّبُ انتباهَنا اليومَ و يدعونا لعملٍ مشترَكٍ وموقفٍ موحّدٍ مسيحيّينَ ومسلمين،  فهو الثباتُ على إيمانِنا وتقاليدِنا  ورفضُ المساسِ بقيمِ الزواجِ والعائلةِ بحسب تعليمِ الكتبِ المقدّسة والشرائعِ الإلهيّة. فجميعُنا مدعوّونَ في هذه المرحلةِ الدقيقةِ الى التعبيرِ الواضحِ والصريحِ عن رأينا في موضوعِ زواجِ المثليي الجنس وخصوصًا تُجاه النواب المحليّينَ والفدرالييّن مؤكِّدينَ لهم أنَّنا ضِدُّ تغييرِ القوانينِ المتعلّقةِ بالزواجِ والعائلة. وأنّ أبناءَ جالياتِنا بالتالي لن يؤيّدوا بعدَ اليوم ولن ينتَخِبوا مَن يمثِّلوهُم في النَدوة البرلمانيَّة إلاّ الّذين يشاطرونَهم القِيَمَ العائليّةَ الأساسيَّةَ  المبنيةَ على الزواجِ بين الرجل والمرأة. إنّها رسالتُنا جميعًا ، إنّها رسالةُ العائلةِ والطريقِ الصحيحِ لبناءِ مستقبلٍ صحيحٍ للانسانٍ والكنيسةِ والمجتمع.

أيها الأحبّاء،
نحنُ المسيحييّن والمسلمين، أخوةٌ وأخواتٌ في عائلةٍ إنسانيّةٍ واحدة خلقَها الله (البابا يوحنا بولس الثاني). ونحن مدعوّونَ إلى أن نعملَ معًا للعدالة والسلام واحترامِ حقوقِ الانسان وكرامتِه. وما الأصوامُ المختلفةُ ومنها شهرُ رمضانَ وعيدُ الفطر    (عيد مار شربل) هي مناسباتٌ لتذكيرنا بواجبنا الإنسانيِّ والأخويِّ تُجاه المعوَزينَ والمشرّدينّ والفقراء وهم اليوم كُثُر في لبنان وسوريا والعراق نتيجةَ الأزمات والحروب. لقد كان هذا الشرق مهبَطَ الوحيِ على الأنبياء والمرسلين ومصدَرَ نورٍ للدنيا وهدايةً للحقّ المُبين. فكم أَولَى بجيلِنا أن يكمّلَ رسالةَ الأجيالِ التي تلقَّت تعاليمَ السماءِ وحَمِلتها إلى الشعوب، لأنَّ الإحباطَ  ليس خيارًا، ولن يكون خيارَنا أو خيار شعوبِنا التي تصبوا أبداً إلى السلام والترقّي والحرية.                
وشكرا.

0 comentلrios: